عن الحجاب ... تحكي قصة واقعية مؤثرة ..
صاغها بقلمه ...
مصطفى لطفي المنفلوطي سنتتبع أحداثها أحبائي على شكل حلقات متسلسلة
لكن دعوني اولا اقدم كلمة الى أختي في الله .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
أختاه .. أين تذهبين ؟ أختاه :
فقد نطقت العبر فأين سامعها ؟؟ وتجلت الحقائق فأين مطالعها ؟ واستنار الطريق
فأين تابعها ؟ الى أين تسيرين ؟ وأين تذهبين ؟
الى جنة أم الى نار ، أما تعلمين أن لحظاتك تكتب ، ولفظاتك تجمع ، وعزماتك تعلم ،
وحركاتك تحسب
قال تعالى : " أيحسب الانسان أن يترك سدى " وهاهي المنية قد دنت والشيب يخبرك بقرب الأجل ، وأمامك منازل لابد منها ،
فتيقظي من الرقدة ، وانتبهي من الغفلة .
أول هذه المنازل :
الموت سماه الله مصيبة ،
فقال : " ان أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " .
وقال عنه بعض أهل العلم :
اعلم أن شدة الألم في سكرات الموت لا يعرفها على الحقيقة الا من ذاقها ، ومن لم يذقها انما يعرفها بالقياس على الآلام التي أدركها ،
فألم النزع يهجم على الروح نفسها
فيستغرق جميع أجزائها ، من كل عرق من العروق ، وكل عصب من الأعصاب ، وكل مفصل من المفاصل ومن أصل كل شعرة وبشرة ،
من أعلى الرأس الى أسفل القدمين ، فلا تسأل عن كربه وألمه
حتى قالوا : ان الموت أشدمن ضرب بالسيف ، وننشر بالمناشير ، وقرض بالمقاريض ، لأن ألم الضرب بالسيف أو النشر أو غيرهما انما يؤلم لتعلقه بالروح
فكيف اذا كان المجذوب والمنتزع هو الروح نفسها.
وانما يستغيث المضروب ويصيح لبقاء القوة في قلبه ولسانه ، ولكن المحتضر يقطع صوته وصياحه وتضعف قوته وتخور قواه ،
لأن الكرب قد بالغ فيه وتصاعد على قلبه بألم شديد حتى غلب على كل موضع من جسده ، فهد كل جزء وأضعف كل جارحة ، فلم يترك له قوة للاستغاثة .
أما العقل فقد غشيه ألم وشوشه ، وأما اللسان فقد أبكمه ، واما الأطراف فقد أضعفها ، ويود المحتضر
أن لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح وغير ذلك ، ولكنه لا يستطيع ، فان بقيت فيه قوة سمعت منه عند نزع الروح وجذبها خوارا وغرغرة من حلقه وصدره وقد تغير لونه ،
وانتشر الألم في داخله وخارجه ،
حتى ترتفع الحدقتان الى أعلى جفونه ويتقلص اللسان الى أصله ، وتخضر أنامله فلا تسأل عن جسد يجذب منه كل عرق من عروقه ، ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجيا .
فتبرد أولا قدماه ثم ساقاه ثم فخذاه ، ولكل عضو سكرة بعد سكرة وكربة بعد كربة ، حتى يبلغ بها الحلقوم.
فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها ، وينغلق دونه باب التوبة (الاحياء للغزالي ) .
يتبع ...