الناس في مختلف مجتمعاتهم، لا يستغني بعضهم عن بعض،
ولا يترك بعضهم التعامل مع بعض للاستغناء،
بل إن كل مهنة وصنعة، وكل فرد في المجتمع،
كل في حاجة للتعامل والارتباط مع النوع الآخر
هذا التعامل لا يستقيم، ويرتاح إليه الناس، في شئونهم الخاصّة والعامّة،
ما لم يقم على أسس من التفاهم، وحسن الأداء،
والصدق والأمانة، ولطافة اللسان والثقة المتبادلة.
- فعليك أن تعامل الناس بالرفق واللين والإخلاص، وتمحضهم النصح،
فإن الرفق ما كان يماثله شيء لأنه يريح القلوب، بأكثر من المال،
والإخلاص أجل قدراً من الدرهم، والكلمة اللّينة تكسب الآخرين سروراً، لا تأتي بمثله الهدايا.
- عامل الناس بالأدب الذي لا يكلفك شيئاً، بل يكسبك رضاهم، ويلين قلوبهم،
ويسهل عليك نيل ما تريد منهم.
- أحسن الظن بالناس واذكر محاسنهم، وابتعد عن الغيبة والنميمة، والحسد والبهتان،
إن اردت ان تكون بعيداً عن انتقادهم لك، واعلم ان من الواجب الأدبي: أن تتكلم
عن الأحياء باحسان، وأن لا تذكر من مات إلا بخير.
- لا تتسرع في الكلام مع الناس اذا اعتراك غضب، وتروّ قليلاً لأن هذا من
حسن المعاملة واللطف في انتقاء الأشخاص والدقّة في فحص الأقوال والأعمال
قبل فوات الأوان,, فالكلمة تملكها قبل خروجها، فإذا خرجت ملكتك.
- لا تحتقرن مَن دونك، ولا تفتخر بما عندك من مال، ولا بعقلك،
وعليك أن تعرف قدر نفسك, وقدر من تتعامل معه،
وأن تنزل الناس منازلهم، وعامل كلاً بحسب درجته ومكانته.
- عليك في تعاملك مع الآخرين أن تضع هذه الحكمة بين عينيك:
عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.
من محاسن الورع:
ذكر البيهقي أن رجلاً دخل بئر زمزم، فإذا هو بشخص ينزع الدلو مما يلي الركن،
فلما شرب أرسل الدلو فأخذته، فشربت فضلته، فإذا هو سويق لوز،
لم أر سويق لوز أطيب منه, فلما كانت القائلة في ذلك الوقت،
دخل الرجل وقد أسبل ثوبه على وجهه، ونزع الدلو وشرب,
وأرسل الدلو فأخذته، وشربت فضلته، فإذا هو ماء مضروب بالعسل،
لم أشرب أطيب منه، فأردت أن آخذ طرف ثوبه، فانظر من هو؟ ففاتني ،
فلما كان في المرة الثالثة قعدت قبالة زمزم، فلما كان في ذلك الوقت،
جاء الرجل وقد أسبل ثوبه على وجهه فدخل، فأخذت طرف ثوبه،
فلما شرب من الدلو وأرسلها قلت: يا هذا أسألك بربِّ هذه البنيّة، من أنت؟
قال: تكتم علي حتى أموت؟, قلت: نعم, قال: أنا سفيان وهو الثوري
فتناولت فضلته، فإذا هو ماء مضروب بالسكر الطبرزد اي الأبيض الصلب
لم أر قط أطيب منه، فكانت تلك الشربة تكفيني إذا شربتها إلى مثلها من الوقت،
لا أجد جوعاً ولا عطشاً (المحاسن والمساوي2: 48).
وحتى يكسب المرء الحسنيين فإنه لابد من النية الصادقة (إنما الأعمال بالنيات)،
ولابدّ من القدوة في حسن العمل، والصبر، وبذل المال والجهد الجسماني والعقلاني
وكلاهما نفقته مخلوفة ونافعة,, ولا يظن أي إنسان أن التعامل مع الناس بالأمر الهيّن،
بل هو يحتاج الى ادراك ودراية، وحسن نيّة.
لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلاّ لصابر