هل التوافق الفكري والثقافي بين الرجل والمرأة هو من العوامل الاساسية لتكوين أسرة ناجحة ومتفاهمة؟ وهل وجود فارق في مستوى الثقافة بين الزوجين سيؤثر حتما على حياتهما الزوجية؟ خصوصا تواجدهما في مجتمع محافظ وتطغى عليه الأمية، لأن الرجل في هذه الحالة لايقبل على نفسه أن يكون أدنى مستوى من زوجته، لأنه سيشعر بالضعف والدونية وباهتزاز في شخصيته، ولكن إذا حصل وارتبط رجل غير متعلم بامرأة مثقفة، ماذا ستكون النتائج التي ستنجم عن هذا الزواج؟!
في سياق هذا الموضوع استطلعنا بعض الآراء العلمية وكانت كالتالي:
أن ترى الاستاذة سهام شمول باحثة اجتماعية: زواج المرأة المثقفة المتعلمة من إنسان جاهل، يؤدي الى مشاكل عديدة وكبيرة، وتكون نهاية أكثرها الانفصال بسبب الهوة والفجوة الكبيرة بين الطرفين التي تولد عقدا نفسية لكليهما، فتتكون عند الرجل ردات فعل كالإكثار من الأوامر والنواهي ليشعر عائلته وذاته بأنه اعقل وأرقى فرد فيها، وأنه الوحيد القادر على إدارتها، وبالمقابل ليبرهن على عجز زوجته بتدبير أبسط الأمور.
أما المرأة فتتعرض للكبت تارة عن ممارسة حقوقها وأحيانا مواهبها، ويفرض عليها أن ترمي كل ما تعلمته خلف باب المنزل الزوجي لترضى شريكها، وقد تتعرض لشد عصابي قد ينتهي بمشكلة حادة ناتجة عن عدم قدرتها على تصحيح الأخطاء التي تشاهدها يوميا ضمن عائلتها، ولا ننسى أن بعض تصرفات الزوج الجاهل الخاطئة تعرض زوجته أحيانا للخجل منها أمام الناس.
كما أن الزواج هو تكافؤ بين الرجل والمرأة من جميع النواحي، وأنا أعتقد أن الزواج بهذا الشكل هو أمر مرفوض لأن نهايته الفشل، ومن وجهة نظري أنه لن يستمر لأن الرجل في النظام الأسري البطريكي دائما ينظر لنفسه بأنه سي السيد، وفي هذه الحالة المرأة المثقفة لن تقبل بهذا الوضع.
وفي المقابل قد نجد هناك أزواجا يتقبلون أن تتمتع زوجاتهم بدرجات علمية أعلى منهم، وهذا يرجع إلى وعيهم والبيئة الموجودين فيها والمحيطة بهم. ولكن في «أغلب الأحيان لايتقبل الزوج أن تتمتع زوجته بمستوى علمي عال أكثر منه، لأنه سيشعر بالضعف أمام زوجته ، فيمارس عليها دور الزوج المتحكم المتسلط ويظلم هذه الزوجة، وبالتالي فإن ذلك سيشكل عائقا تعاني منه الزوجة في حياتها الزوجية، وسيؤثر ذلك أيضا على علاقتها مع زوجها.
رأي المرشدة النفسية
وفي خضم البحث لتقريب وجهات النظر العلمية كان الشق النفسي للموضوع لايبتعد كثيرا عن التحليل الاجتماعي. عبر رأي الباحثة النفسية سمية كانوني التي ترى ان زواج المرأة المثقفة من رجل أمي او جاهل هو خطوة غير صحيحة وخاطئة، ولكن إذا وجدت مثل هذه الحالة فقد يرجع ذلك لأسباب أدت الى هذا الزواج، فربما لأن هذه المرأة قد أصبحت في عمر كبير بسبب متابعتها لدراستها، أو انها غير جميلة أو تعيش حياة أسرية سيئة، فتضطر لقبول أي عرض للزواج حتى لو كان من رجل غير متعلم، أي تتنازل عن شرط ضروري لمقومات الزواج المتكافئ بين الزوج والزوجة.
وبسبب الفرق في المستوى العلمي والعقلي والفكري بين الزوجين، سوف تصطدم الزوجة كثيرا في الحياة العملية، وخاصة عند تربيتها لأطفالها، لأن هذه المهمة ستكون على عاتقها كونها هي المثقفة والواعية، والتي تعلم كيف ستجعل أولادها يتجهون التوجه التربوي السليم.
وقد تنشب خلافات بين الزوجين عندما يصبح دور المرأة المثقفة واضحا، ومعالم التطور والعمل والحضارة ظاهرة عليها، فسوف ينعكس ذلك سلبا على الزوج غير المتعلم، وخاصة إذا اجتمعا في مجتمع واسع وظهرت هذه الفروق، فسيؤثر ذلك على نفسية الزوج الذي سيحاول ان يضيق على زوجته بشكل من الأشكال او يحد من شخصيتها أمام الآخرين ويحطم من معنوياتها، وهذا ما سيدفع المرأة المثقفة في غالب الحالات ان تطلب الانفصال أو ان تحاول استيعاب زوجها وايصال هذا التعلم له الذي لم يستطع الوصول إليه بالاستخدام والتفعيل الجيد في حياتهما اليومية، وجعل الحوار متقاربا بينهما، وهذا يرجع طبعا الى شخصية هذه المرأة المثقفة.