في ذكرى رحيل آخر الشعراء المحترمين (محمود درويش)
من قصيدة: عابرون... في كلام عابر
-1-
أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا
واسرقوا ماشئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة
وخذوا ماشئتم من صور ، كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء...
-2-
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف ومنا دمنا
منكم الفولاذ و النار ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى - ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا .. وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص... وانصرفوا
وعلينا نحن أن نحرس ورد الشهداء
وعلينا نحن أن نحيا كما نحن نشاء
- 3-
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر ، مروا أيتمنا شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا قمح نربيه ونسقيه ندى أجسادنا...
ولنا ما ليس يرضيكم هنا:
حجر... أو حجل .
فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم
على صحن خزف
فلنا ما ليس يرضيكم : لنا المستقبل
ولنا في أرضنا ما نعمل.
- 4 -
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أوالى توقيت موسيقى المسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف ، شعب ينزف
وطن يصلح للنسيان آو الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ، ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر، والحاضر والمستقبل
ولنا الدنيا هنا .. والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا . . من جرحنا
من كل شيء واخرجوا
من ذكريات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة .
الشاعر محمود درويش
لقيصر – مدريسة -