قصة قصيرة:
دفتر الهمسات (2)
عاشق اليل
عهدي به أن يسبقني حيث تواعدنا أن نلتقي هذا المساء مقهى( المهاجر).
كثيرا ما كنت أمازحه قائلا : أتعرف ؟ أتمنى أن أسبقك ولو مرة واحدة وأصل قبلك.
على غير ما عادته تأخر هذا اليوم.
وصلت قبله ، آه.. تفوقت عليه أخيرا طلبت قهوتي وانتظرت مالت عقارب الزمن نحو ساعة أخرى من الانتظار.
حدثت نفسي ما به ؟ تأخر لم يأت أهو مريض ؟ لا ربما سافر لزيارة والدته فهو لم يزرها منذ مدة طويلة ونسي أن يخبرني.
دفعت الحساب للنادل وغادرت إلى شقته وسط المدينة .
لماذا لم يأت ؟ انتظرك طويلا .
ولم المجيء فهي لن تمر بعد اليوم من ذلك الطريق انتهى كل شيء.
قلت : تقصد من ؟ وما حكايتك ؟
استندت إلى حافة مكتبه وجلس قائلا: هو سري.. هو. عمري...
قلت: إذن أنت عاشق ولم تبح بذلك؟
قال: كنت.. اما الآن لست. ثم صمت برهة ووضع رأسه بين راحتي يديه وهام بعيدا ثم أردف قائلا : آه يا صاحبي هي تفاصيل رحلة ألم قصة لم تكتمل هي حكاية حلم ولد في زمن المتاعب والآلام .
أتدري ؟ استيقظت هذا الصباح كعادتي أدرت رقم هاتفها المحمول ولكن الرقم خارج التغطية.
قمت مفزوعا غادرت شقتي إلى مقر عملها.
سألت صديقتها: أين هند ؟
حدقت في جيدا وقالت: هند لم تداوم منذ أسبوع استقالت.
جاءت بالأمس وودعت الكل وتركت لك هذه الرسالة:
الوادع سامحني ، سامحني .
كانت هذه رسالتها لم تزد عنها كلمة.
صمت برهة ثم أطلق العنان لتنهيدة.
ينتهي هذا العمر دون تاريخ يذكره، ذرفت عيناه دمعة نامت على وجنته غفوة مسحها بسرعة ثم أردف قائلا:
عشت الهث جريا خلف الأيام، كالجنون كانت في أعماقي رسمتها بريشة روحي جعلت من عنوانها مرفأ لأشواقي وسواقي تروي عطشي.
جعلت منها مرقدي ووجه لدروبي ، أسكنتها روحي وسكنت بدواخلها في آمان.
هي عمري ونجمي الذي كنت أبثه أسراري أهمس إليه أوجاعي هي اندفاعي ووجدي هفوتي خطئي ذنوبي خطيئتي .
هي دمي الذي يسري في عروقي، هي ظنوني شكوكي معتقدي باختصار هي دنيانا .
أحضانها دافئة ابتسامتها رقيقة، لؤلؤية ، همسها طفولي .
علمتني كيف أنسى همومي هويتي تاريخي وأحزاني .
أدخلتني قلاع الحب والسلام وعلمتني كيف أجعل من يأسي ورودا أوزعها على العشاق.
فجأة سكت وتاه... .
تركته وانسحبت في هدوء .
مضت سنوات على قصته الجوفاء، ما أشبه يوم بالبارحة، ما أنسته الأيام ولا الأعوام.
أضحى يعشق قدوم الليل لينام في عذاباته منزوا في غرفته مفجرا جيوب دواخله خواطر وقصائد عسى إشراقه شمس الغد تقدم له عنوانا جديدا يكتب عنه .
ليقصر – مدرسية.