كيف رأى الرحالة الأجانب مكة والمدينة ؟
الجزء الثالث:
وصف مكة
( المشرفة )... ( البلد الأمين )... الفيروس أبادي : مؤلف (القاموس المحيط ) الشهير ألف بحثا عن الأسماء المتخلفة لمكة ...
وتقع هذه المدينة بواد رملي ضيق اتجاهه الأساسي من الشمال إلى الجنوب لكنه يحيد ناحية الشمال الغربي عند أقصى جنوب المدينة يتراوح عرض هذا الوادي مابين مائة وسبعمائة خطوة والجزء الرئيسي من المدينة يقع في العرض الكبير للوادي أما الجزء الأضيق فعبارة عن صفوف من البيوت والمتاجر المتفرقة والمدينة نفسها تغطي مساحة نحو 1500 خطوة طولا من الحي المسمى ( الشبيكة ) إلى أقصى ( المعلاة ) غير إن مساحة الأراضي الواقعة تحت سيطرة مكة من الحي المسمى ( جرويل ) حيث مدخل جدة إلى الحل المسمى ( المعابدة ) على طريق الطائف تبلغ 3500 خطوة ويتراوح ارتفاع الجبال المحيطة بهذا الوادي مابين 200 و500 قدم
قبل تشييد المدينة كان الوادي يلقب بوادي مكة أو بكه كما اسماها العرب وتقع السلسلة الرئيسية على الجانب الشرقي للمدينة وينحدر الوادي جنوبا حيث الحي المسمى ( المسفلة ) ... ( المكان المنخفض ) وتنسال مياه الأمطار نحو جنوب المسفلة في الوادي المفتوح المعروف بوادي ( الطرفين ) .
بعض منازل المدينة مشيدة على جوانب الجبال خاصة السلسة الشرقية حيث المساكن البدائية لقريش ويبدو إن المدينة القديمة كانت هناك .
مكة مدينة لطيفة التصميم شوارعها – بصفة عامة – أعرض من شوارع المدن الشرقية منازلها شامخة مبنية من الحجار النوافذ العديدة المطلة على الشارع توحي بانطباع أكثر حيوية من مثيلاتها في مصر وسوريا وقليل من النوافذ يتجه إلى الخارج ( مشربيات ) ومثل مدينة جدة فان مكة تحوي عددا من المنازل ذات الطوابق الثلاثة قليل منها مطلي باللون الأبيض المتوهج الذي يؤذي العين .
ويمكن تفسير سبب عدم وجود مبان أثرية في مكة بتساقط الأمطار المدمرة بغزارة ولفترة أقصر من البلاد الاستوائية الأخرى والمسجد نفسه شهد إصلاحات عديدة في عهود متعاقبة لبعض السلاطين كما يمكننا القول بان البناء الحالي هو بناء حديث وبالنسبة للبيوت فلا اعتقد بوجود بيت قد مضى عليه أكثر من أربعة قرون وبالتالي لا يمكن لزائر هذا المكان إن يشاهد أبنية عربية جميلة ومثيرة كالتي تستحوذ على الإعجاب في سوريا ومصر ومغرب واسبانيا ... بل في هذا المجال تتوقف اصغر المناطق الريفية بسوريا ومصر على مدينة مكة الشهيرة... واعتقد كذلك أن المدن اليمنية هي أيضا فقيرة نسبيا فيما تملكه من إطلاق وأثار معمارية.
مكانان بداخل مكة ينساب فيهما الماء القادم من خلال المجرة المائي المذكور عبر قنوات صغيرة يحرسها بعض العبيد التابعين للشريف حيث يقومون بتحصيل ضريبة ممن يأتي ليملأ قريبته وفي موسم الحج تحيط بهذه القنوات نهارا وليلا جموع تحتشد وتتشاجر فيما بينها من اجل الحصول على قدر من الماء .
وقد صرف ( قايتباي ) سلطان مصر أموالا طائلة من اجل إصلاح الممرر المائي كما خصص ( قانصوه الغوري ) آخر الملوك الشراكسة بمصر مبلغا بصرف عليها عام 916 هـ وكثيرا ما يطلب المتسولون والحجاج المرضى شربهن من الماء العذب من المارين بالشوارع مكة أو حيث يقفون بالقرب من منصات المياه التي تراها في كل الزاوية ويمكن الحصول على ملء إناء من الماء ببارة واحدة من الأيام العادية أما في موسم الحج فيرتفع ثمنها إلى بارتين .
[right]